لا يمكن لأي عاقل أن يتلقى خبر فرض الجزائر للتأشيرة على المغاربة سوى بالكثير جدا من السخرية والاستغراب.
فقرار فرض التأشيرة على مواطنين لا يزورون، ولا يفكرون بزيارة، بلد ما، هو عبث سياسي حقيقي ما بعده عبث.
فلا أحد سمع يوما عن وفود سياحية أو مغاربة يتحدثون عن زيارة هذا البلد الجار، لأن السياحة تكون نحوَ بلد يحمل من الميزات والإغراء ما يكفي، كي يتحمل المرء مشقة السفر ومصاريفه.
وإذا افترضنا أن هناك بالجزائر مناظر طبيعية قد تغري البعض بزيارة هذا البلد، فإن المغرب يضم أضعاف أضعاف هذه المناظر، وإن كان على المآثر التاريخية، فالمغرب – أيضا – يضم ما هو أقدم وأجمل.
المغرب الذي يطل على محيط وبحر، بالتأكيد هو كافٍ جدا لأهله، ولن يكون بقدرة بلد مجاور، يطل على بحر فقط أن يكون مغريا أو جذابا.
أما عن البنيات التحتية، فالجميع يعلم، بما في ذلك الجزائريون، أن المغرب تجاوز بعقود الجارة الشرقية، وأن ما نراه في الصور والفيديوهات كافٍ جدا كي يفكر المرء ألف مرة قبل السفر إليها.
ولو أضفنا لكل هذا، الوضع الحالي المتوتر، الذي تصر الجزائر على افتعاله في كل مرة، فمن المؤكد أن نسبة المغاربة الراغبين في زيارة هذا البلد، ستنزل إلى الصفر.
ومع ذلك، تصر الجزائر على سياسة "الكره من طرف واحد"، على غرار "الحب من طرف واحد"، وتواصل سياسيتها التي تحاول جاهدة من خلالها أن تثبت أنها فعلا "تحقد" على جارها، مهما حاولنا أن نجمّل المصطلحات.
الأدهى من كل هذا، أن المغرب، بكل رزانته السياسية، لم يتخذ قرارا شبيها ولم يبد أي رد فعل، رغم أن السياح الجزائريين الذين زاروا المغرب، وفق تقارير منظمة السياحة العالمية، بين 2018 و2022، بلغ حوالي 300 ألف جزائري، متجاوزين بذلك السياح التونسيين الذين بلغ عددهم 175 ألفاً !
فإن تعامل المغرب بمنطق رد الفعل، فإنه الأولى بفرض التأشيرة، وحرمان الآلاف من الجزائريين من الاستمتاع فعلا بجمال المغرب والاطلاع على مدى تقدمه في مختلف المجالات.
ولا داعي للحديث هنا عن كل المشاهير الجزائريين الذين اختاروا المغرب للاستقرار بشكل نهائي، والذين اختاروا أن يزوروه أكثر من مرة سياحةً.
فمن الأولى بفرض التأشيرة حقا يا ترى؟
عموما، يواصل النظام العسكري في الجزائر اتخاذ القرارات الغريبة والمضحكة سياسيا على الصعيد الدولي، ويضع نفسه فعلا في مواقف "بايخة" على رأي نجم الكوميديا عادل إمام.